قصة مسرحية البلا أوراق كاملة، هناك العديد من المسرحيات المهمة في المملكة العربية السعودية، ففي الغالب تكون المسرحيات من اجل معالجة قضية معينة في البلاد، وتعتبر مسرجية البلا اوراق هي مسرحية للكاتب المسرحي عباس الحايك، حيث تم عرضه بتاريخ 9/12/2023 على مسرح النادي الأدبي بالرياض بحي الملز.
قصة مسرحية البلا أوراق كاملة
يدخل أمين مكانًا مهجورًا، يطغى عليه الظلام ويمتلئ بالتراب في كل ركن من أركانه. مع غبار السنين التي مرت في هذا المكان، يحاول تخليصها من الغبار العالق بها، واندفاع سحب الغبار منها، مما جعله يدخل في نوبة سعال مستمر، ويرمي الوسادة على الأرض. ويجلس عليها ليستريح من المطاردة التي مر بها منذ فترة قصيرة.
لولا محاولته الهروب لمات الآن سواء من الرصاص المتلاحق أو من أنياب الكلاب الشرسة. فجأة نهض أمين على قدميه، واتجه نحو نافذة الغرفة التي ترك الوقت عليها آثارها، وتسبب في خلع أحد مصداتها. أغلق أمين النافذة وبينما كان يغلقها كان هادئًا من نفسه، ردد “كل شيء سيكون على ما يرام، ولن يجدني أحد في هذا المكان الوحيد”.
ينجو أمين من ذعره بالقراءة
فجأة يشعر بالتعب الشديد والإرهاق بسبب ما مر به اليوم، فيعود ويلقي بجسده المنهك على تلك الوسادة العتيقة، لكن رغم شدة التعب الذي كان يشعر به، ورغم رغبته الحقيقية في النوم، أمين لم يكن قادرًا على ذلك، فرجع ليقوم من نومه، وجلس في مكانه وحدق في الوسادة، وتحدث معها قائلاً، لولا ما أنا فيه الآن، لكنت نمت على وسادتي التي يحرص والدي على ترتيبها لي كل ليلة بيديه الرقيقة، والتي تضفي الدفء والنعومة على الوسادة. في تلك الليلة الصعبة، مثلي تمامًا، بعد وفاة والدتي، لم يكن هناك يوم انفصلنا فيه عن بعضنا البعض، كنت أنت العالم كله بالنسبة لي، وأمطرتني بحنانك كما لو كنت طفلاً صغيرًا، على الرغم من عمري خمسة وعشرين عامًا.
لم يخطر ببالي مطلقًا أنني سأتركك أو أبتعد عن مدينتي، لكن في بعض الأحيان يقوم الشخص بأشياء دون الرغبة في القيام بها، سامحني، يا أبي، لعدم الاستماع إلى نصيحتك، لأنني اليوم أدفع الثمن من أجل ذلك، قلت إن السير في هذا الاتجاه مرعب ولا رجوع فيه، لكنني اكتشفت أنه أمر مروع، وهو أكثر رعبًا مما ذكرته لي، لكن الآن لا فائدة من الندم عليه.
يسكت أمين للحظة، ثم يعود ليخاطب نفسه قائلاً كيف سأستطيع النوم في تلك الليلة، تابع سؤاله على نفسه بتنهيدة، ثم قام للوقوف، ثم أخذ حقيبته وعاد إلى اجلس مرة أخرى، ثم أخرج زجاجة ماء من الكيس، وارتشف القليل منها، وغسل وجهه المتعب قليلاً، ثم عاد ليضعها في الكيس، ويخرج كتابًا لقراءته، القراءة هي الحل الأفضل حتى يمر هذا الوقت الصعب، ويخرج مع الكتاب مسجلًا صغيرًا، ويعزفه ويخرج موسيقى هادئة، كأنه يحاول أن يشعر بالرضا، وأن ما يمر به ما هو إلا كابوس مرعب و سوف يمر قريبا.
وضع رأسه على الوسادة، وفتح كتابة، على الصفحة التي توقف عنها، ثم قال في نفسه “الآن اكتملت طقوسي في القراءة، لكن لم يبق منها سوى فنجان شاي. ” ولأول مرة شعرت أن تفاصيل القصة تحكي عني، وعن نفس الأحداث بالتفصيل، ثم وقف ونظر إلى الكتاب بين يديه وقال لا أريد الاستمرار في قراءة الأحداث، وأنا لا تريد أن تعرف ما سينتهي، فوقف عند رحلة الهروب وخاف من النهاية، فقرر تركها إلى القدر، دون الاعتماد على خيال المؤلف، يلجأ المرء أحيانًا إلى الهروب من الواقع ليشعر ببعض الأمان. .
ملامح سلمى خارج النافذة القديمة
ثم أدخل الكتاب في الحقيقة مرة أخرى وحاول البحث عن كتاب آخر يمر هذه المرة التي تمر بصعوبة بالغة، لكن أمين لم يجد شيئًا، ولم يكن في حقيبته سوى هذا الكتاب، وكأنه لا يملك شيئًا. حقيبته إلا رواية تحكي تفاصيل واقعه المرير، وعاد ليغلق حقيبته من كان جديدًا، وجلس، ثم نظر إلى النافذة قليلاً، ثم قام ومشى نحوها.
ظل أمين ينظر من النافذة متخيلًا وجه حبيبته سلمى، وتذكر نافذة غرفته التي تحمل ذكريات ملامحه الشاردة كل ليلة. وفجأة شعر أمين بالبرودة الشديدة، فتعجب من ذلك، حيث لم يأت الشتاء بعد، لا بد أن الخوف والوحدة والانتظار جعله يشعر بفقدان نفسه وسلامته حتى أنه شعر أن الصقيع قد استقر في روحه العارية.
ابتعد أمين عن النافذة وتوجه نحو الكومة مرة أخرى ليبحث بداخلها عن شيء يستخدمه لتدفئة نفسه، حتى وجد بداخلها بطانية قديمة استغرقت وقتًا تمزقها منها، ونفض الغبار المتراكم عنها. لكنه عاد ليدخل في نوبة سعال حادة من تأثير هذا الغبار المتطاير الكثيف. ثم لف نفسه بتلك البطانية وعاد إلى مقعده، ثم أخرج قنينة الماء وغسل وجهه من آثار الغبار المتطاير، ثم أكل القليل منه.
وعاد ليتذكر صديقته مرة أخرى، ويتذكر تلك الليلة عندما أخبرته بحبها، يتذكر كل حرف خرج من شفتيه يعبر له عن حبها له، ثم رفع رأسه عاليا وقال في بصوت عال كأنه يريد أن يخبر العالم الذي وقف بينه وبين صديقته، سلمى تحبني، نعم، قالت ذلك بوضوح، وبدأ يصف إحساسه عندما سمع تلك الكلمة التي أعادت روحه إلى جسده، ثم عاد ليخرج كتابه من حقيبته مرة أخرى، وفتحه، وقرأ إحدى الصفحات وهو يتجول داخل هذا المكان الوحيد، ثم عاد ليذكر والدها الذي دمر تلك القصة الرائعة قبل أن تبدأ، كان الأمر كما لو أن رصاصة خرجت من سلاح الزمن لقتل هذا الحب اللامبالي، ثم نظر إلى الكتاب بذهول، وقال، “واو، مجرد أوراق تتحكم في هوية ومستقبل البشر، وأيضًا حول ما إنهم يحلمون، فنحن جميعًا بشر لا يفرقوننا و مدمجين بعضهما البعض، وهما متشابهان للغاية، لكن ختم على ورقة تحدث هذا الاختلاف، لولا هذا الختم الذي يحدد جنسيتك وهويتك، أيها المؤلف، لما كانت رؤيتك قد نشرت وما كان معروفًا من الأصل.
رواية جديدة وأحداث مؤلمة
بعد محادثة طويلة مع الرواية، يعود إلى الصمت، ثم يلقي بجسده على الوسادة، ويمزق إحدى أوراق الرواية، ويطير بها في الهواء، ثم يقول ساخرًا، إنها مجرد ورقة تطير الريح بعيدًا عنها. لا قيمة له، ثم بدأ في تمزيق الكتاب صفحة تلو الأخرى، حتى استيقظ من تجواله مكتشفًا أنه مزق كل الصفحات تمامًا، فتحدث مع نفسه بتوبيخ عظيم، قائلاً ما الذي رسمته لي، ماذا فعلت أنت تفعل، كيف سأعرف النهاية، وقام بجمع الصفحات، لكنه لم يكن يعرف عدد صفحات الكتاب، وبينما كان يحاول جمع الكتاب مرة أخرى، فجأة أخذ زجاجة ماء وسكب كانت المياه فوق الصفحات مبللة تمامًا، وقال ساخرًا “الآن لم يعد هناك ختم، لم تعد هناك رواية، ونهاية تلك القصة لم تعد موجودة”.
ثم عاد إلى قدميه، وتوجه نحو النافذة وقال إنني من يكتب تلك النهاية، ولن أستسلم لنهاية المؤلف، خاصة وأن بطل الرواية مختلف جدًا عني، لأنه لم يفقد هذا البطل الخالي من الأوراق والدته، ولم يكن لديه أب مثل والدي، الذي لا تستطيع جميع الروايات وصف حنانه الكاسح الذي احتضنني كطفل يتيم، والدته، ولست فقيرًا كبطل بلا أوراق. ثم يجلس على ركبتيه ويخرج صورة والده من حقيبته ويقبلها بدموعه ويضعها على أحد جدران المكان، فأنا أشعر بالأمان وكأن والده قد أصبح معه، ثم هو جعلت الصورة تحدث قائلًا، أبي، أتذكر الوقت الذي أخبرتك فيه عن حبي لسلمى، وأتذكر ابتسامتك الرقيقة ولمساتك اللطيفة التي وضعتها على خدي، قائلة “لقد أصبحت رجلاً يا أمين، رغم خوفك الشديد من نتيجة هذا الحب إلا أنك لم ترغب في تحطيم قلبي يا لم ترغب في تذكيرني بأننا لا نحمل أوراقًا “. تحدد جنسيتنا المجهولة، فهي لا تريد أن تخبرني أن والد سلمى، وهو تاجر معروف، لن يوافق على هذه المشاعر.
كيف يتزوجها لشاب بلا أوراق، ثم يتذكر الحب والحنان اللذين كان والد سلمى يقدمهما له، والهدايا التي منحها له، تذكر عندما كان طفلاً عندما كان يلعب مع سلمى أمامه. والدها الذي كان يسأله بابتسامة هل تحب سلمى يا امين أمين الذي ملأ قلبه بحبه لسلمى منذ طفولته قال ببراءة “نعم أنا أحبها”. اعتاد والدها أن يقول إنك قد تتزوجها عندما تكبر. أعرف غير هذا الوطن وعشت في تلك المدينة فقط، فالوطن ليس مجرد أوراق مختومة بختم بل هو أرض يلجأ إليها وحياة تعيش تفاصيلها، ثم جاء نحو الصورة. عن أبيه وقال له هذا ما تعلمته منك يا أبي هذا موطني وليس لي وطن آخر.
ثم تقدم نحو النافذة وتخيّل صورة والد سلمى، وتذكر كلماته لوالده التي لا يزال يسمعها حتى اليوم، ابعد ابنك عن ابنتي، أو سيدفع الثمن غاليًا، وقد نسي ذلك. هو ابن صديق في مثل عمره. من زواج حبيبة حياتي وطفولتي.
رقصة متأرجحة مع شال حبيبته
ثم توجه نحو حقيبته مستسلمًا وأخرج شالًا أعطته إياه سلمى حتى يتذكرها دائمًا، وكيف ينساها، وما يمر به الآن بسبب حبه لها. مرة أخرى، تخيل أن الموسيقى الهادئة قد بدأت، وفجأة رقص شال حبيبته، وجعله يتذكر المنزل الخشبي الذي بناه مع صديقته فوق الشجرة، والأحلام التي حلموا بها داخل هذا المنزل الصغير، وكيف حلموا بقضاء حياتهم التالية بداخلها.
ثم توقف فجأة عن الرقص وألقى الشال على الكيس، وذهب إلى النافذة مرة أخرى، ثم أغمض عينيه وقال أحبك يا سلمى، لكن لا أريدك أن تكمل حياتك مع رجل بلا هوية، بلا أوراق، وأن يكون عنده أطفال يتحملون نفس الذنب الذي أعيش فيه “. الآن، بعد أن أصبحوا أيضًا بلا أوراق، استدار إلى صورة والده المعلقة على الحائط، واعتذر له قائلاً، لم أرغب في الهرب مع سلمى.
لكن والدها لم يترك لنا أي خيار آخر. أتذكر يد حبيبتي سلمى التي كانت ترتعش في قبضتي ونحن نعبر طرقات الغابة هربًا من رجال والدها ورصاصهم وكلابهم المسعورة التي كانت ملقاة خلفنا. أتذكرها عندما كانت تمسك بيدي بإحكام كلما اقترب منا رجال والدها. كما لو كانت تحتمي بي، وكيف يمكنني حمايتها عندما لم أستطع حتى حماية نفسي، أتذكر أنها أنقذتني من هؤلاء الرجال نفسها، عندما شعرت أنها قريبة جدًا منا، حتى توقفت فجأة واقتربت منه للقبض عليها حتى أتمكن من الهروب، ثم لم أتذكر شيئًا لم أتذكره إلا أنني أتيت إلى هذا المكان، لكن كيف لا أعرف، عندما تركت سلمى يدي، فاتني كل شيء، اشتاق لي العالم كله، كيف لا بالنسبة لي هي العالم كله.
نهاية رجل بلا أوراق
وفجأة عاد أمين ليسمع أصوات الكلاب مرة أخرى، ومعهم صوت طلقات نارية، تخيل في البداية أنه كان يحلم، لكن الصوت كان يقترب شيئًا فشيئًا. نهاية القصة، وكلما حمل ورقة، علم أنها ليست الصفحة المطلوبة، وفي النهاية وجد الصفحة النهائية، وكانت الأصوات تقترب أكثر فأكثر عندما يقرأ سطور النهاية، و وجهه مصدوم ومذعور، وفي تلك اللحظة أصبح الصوت قريبًا جدًا، وسقط الرصاص في الهواء، ثم النهاية.